المراد جمعهم يوم القيامة في المحشر، كما أطبق عليه المفسرون، ويدل له قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨)}.
ويوضح ذلك تسمية يوم القيامة يوم الجمع في قوله تعالى:{يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} الآية، وكثرة الآيات الدالة على أن جمع جميع الخلائق كائن يوم القيامة، كقوله: {ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣)} وقوله: {قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠)} وقوله: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ} وقوله: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (٢٥)} وقوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)} وقوله: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (٤٧)}.
مع أن بعض العلماء قال: المراد ما بث من الدواب في الأرض فقط، فيكون من إطلاق المجموع مرادًا بعضه، وهو كثير في القرآن وفي لسان العرب، وبعضهم قال: المراد بدواب السماء الملائكة زاعمًا أن الدبيب يطلق على كل حركة.
قال مقيده -عفا الله عنه-: ظاهر الآية الكريمة أن الله بث في السماء دواب كما بث في الأرض دواب، ولاشك أن الله قادر على جمع أهل السموات وأهل الأرض وعلى كل شيء، ولكن الآيات القرآنية التي ذكرنا بينت أن المراد بجمعهم حشرهم جميعًا يوم القيامة، وقد أطبق على ذلك المفسرون، ولو سلمنا تسليمًا جدليًا أنَّها تدل على جمعهم في الدنيا فلا يلزم من ذلك بلوغ أهل الأرض إلى أهل السماء، بل يجوز عقلًا أن ينحدر من في السماء إلى من