للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الأرض؛ لأن الهبوط أهون من الصعود.

وما يزعمه من لا علم عنده بكتاب الله تعالى من أن قوله جل وعلا: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (٣٣)} يشير إلى الوصول إلى السماء بدعوى أن المراد بالسلطانُ في الآية هو هذا العلم الحادث الذي من نتائجه الصواريخ والأقمار الصناعية، وإذًا فإن الآية قد تكون فيها الدلالة على أنهم ينفذون بذلك العلم من أقطار السموات والأرض مردود من أوجه: الأول: أن معنى الآية الكريمة هو إعلام الله جل وعلا خلقه أنهم لا محيص لهم ولا مفر عن قضائه ونفوذ مشيئته فيهم، وذلك عندما تحف بهم صفوف الملائكة يوم القيامة، فكلما فروا إلى جهة وجدوا صفوف الملائكة أمامهم، ويقال لهم في ذلك الوقت: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} الآية. والسلطان: قيل: الحجة والبينة، وقيل: الملك والسلطنة، وكل ذلك معدوم عندهم يوم القيامة، فلا نفوذ لهم كما قال تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)} وقال: {وَيَاقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (٣٢) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ}.

الوجه الثاني: أن الجن أعطاهم الله القدرة على الطيران والنفوذ في أقطار السموات والأرض، وكانوا يسترقون السمع من السماء، كما صرح به تعالى في قوله عنهم {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} الآية. وإنَّما منعوا من ذلك حيث بعث - صلى الله عليه وسلم - كما قال تعالى: {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (٩)} فالجن كانوا قادرين على بلوغ السماء من غير حاجة إلى صاروخ ولا قمر