للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النفوذ في أقطارها حرقهم ذلك الشواظ والنحاس، والشواظ اللهب الخالص، والنحاس الدخان، ومنه قول النابغة:

يضيء كضوء سراج السليط ... لم يجعل الله فيه نحاسا

وكذلك ما يزعمه بعض من لا علم له بمعنى كتاب الله من أن الله أشار إلى اتصال أهل السموات وأهل الأرض بقوله تعالى: {قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} الآية بصيغة الأمر في لفظة (قُلْ) على قراءة الجمهور، وبصيغة الماضي {قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ} الآية في قراءة حمزة والكسائي وحفص عن عاصم. فإن الآية الكريمة لا تدل على ذلك، لا بدلالة المطابقة، ولا التضمن، ولا الالتزام؛ لأن غاية ما تفيده الآية الكريمة أن الله جل وعلا أمر نبيه أن يقول: إن ربه يعلم كل ما يقوله أهل السماء وأهل الأرض على قراءة الجمهور، وعلى قراءة الأخوين، وحفص، فمعنى الآية أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أخبر قائلًا: إن ربه جل وعلا يعلم كل ما يقال في السماء والأرض، وهذا واضح لا إشكال فيه، ولاشك أنَّه جل وعلا عالم بكل أسرار أهل السماء والأرض وعلانياتهم لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماء ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلَّا في كتاب مبين.

وكذلك ما يزعمه من لا علم عنده بمعنى كتاب الله جل وعلا من أنَّه تعالى أشار إلى أن أهل الأرض سيصعدون إلى السموات واحدة بعد أخرى بقوله: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (١٩)} زاعمًا أن معنى الآية الكريمة لتركبن أيها الناس طبقًا، أي: سماء عن طبق، أي: بعد سماء حتَّى تصعدوا فوق السموات، فهو أيضًا جهل بكتاب الله وحمل له على غير ما يراد به.