اعلم أولًا أن في هذا الحرف قراءتين سبعيتين مشهورتين، إحداهما: لتركبَن بفتح الباء، وبها قرأ من السبعة ابن كثير وحمزة والكسائي، وعلى هذه القراءة ففي فاعل لتركبن ثلاثة أوجه معروفة عند العلماء:
الأول: وهو أشهرها أن الفاعل ضمير الخطاب الواقع على النبي - صلى الله عليه وسلم -، أي لتركبن أنت يا نبي الله طبقًا عن طبق، أي: بعد طبق، أي: حالًا بعد حال، أي: فتترقى في الدرجات درجة درجة، والطبق في لغة العرب الحال، ومنه قول الأقرع بنُ حابس التميمي:
إني امرؤ قد حلبت الدهر أشطره ... وساقني طبق منها إلى طبق
وقول الآخر:
كذلك المرء إن ينسأ له أجل ... يركب على طبق من بعده طبق
أي: حال بعد حال في البيتين.
وقال ابن مسعود، والشعبي، ومجاهد، وابن عبَّاس في إحدى الروايتين والكلبي وغيرهم، {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (١٩)} أي: لتصعدن يا محمد سماء بعد سماء، وقد وقع ذلك ليلة الإسراء.
والثاني: أن الفاعل ضمير السماء، أي: لتركبن هي، أي: السماء طبقًا بعد طبق، أي لتنتقلن السماء من حال إلى حال، أي: تصير تارة كالدهان، وتارة كالمهل، وتارة تتشقق بالغمام، وتارة تطوى كطي السجل للكتب.
والثالث: أن الفاعل ضمير يعود إلى الإنسان المذكور في