وهذا الذي ذكرنا هو حاصل ما جاء في الصلاة في مواضع الخسف والتطهير بمياهها، فذهب بعض أهل العلم إلى أن الصلاة بها صحيحة، والتطهر بمائها مجزئ.
واستدلوا بعموم النصوص كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وجعلت لي الأرض مسجدًا" الحديث. وكعموم الأدلة على رفع الحدث، وحكم الخبث بالماء المطلق.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنها لا تجوز الصلاة فيها، ولا تصح الطهارة بمائها، واستدلوا بحديث علي المرفوع أن حبيبه - صلى الله عليه وسلم - "نهاه عن الصلاة في خسف بابل لأنها أرض ملعونة" قالوا: والنهي يقتضي الفساد؛ لأن ما نهى عنه - صلى الله عليه وسلم - ليس من أمرنا، ومن أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد، كما ثبت في الحديث.
واحتجوا لعدم الطهارة بمائها بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع من استعماله في الأكل والشرب وهما ليسا بقربة؛ فدل ذلك على منع الطهارة به من باب أولى.
قال مقيده -عفا الله عنه-: الذي يظهر لنا رجحانه أن من مر عليها ينبغي له أن يسرع في سيره حتى يخرج منها كفعله - صلى الله عليه وسلم -، وفعل صهره وابن عمه وأبي سبطيه رضي الله عنهم جميعًا، وأنه لا يدخل إلا باكيًا للحديث الصحيح، فلو نزل فيها وصلى فالظاهر صحة صلاته إذ لم يقم دليل صحيح بدلالة واضحة على بطلانها، والحكم ببطلان العبادة يحتاج إلى نص قوي المتن والدلالة، والعلم عند الله تعالى.