ليست منفكة كالعكس، فيقول الحنبلي مثلًا: الصلاة في الأرض المغصوبة لا يمكن أن تنفك فيها جهة الأمر عن جهة النهي، لكون حركة أركان الصلاة كالركوع والسجود والقيام كلها يشغل المصلي به حيزًا من الفراغ ليس مملوكًا له، فنفس شغله له ببدنه أثناء الصلاة حرام، فلا يمكن أن يكون قربة بحال. فيقول المعترض، كالمالكي والشافعي: الجهة منفكة هنا؛ لأن هذا الفعل من حيث كونه صلاة قربة، ومن حيث كونه غصبًا حرام، فله صلاته وعليه غصبه، كالصلاة بالحرير. وإلى هذه المسألة وأقوال العلماء فيها أشار في مراقي السعود بقوله:
دخول ذي كراهة فيما أمر ... به بلا قيد وفصل قد حظر
فنفي صحة ونفي الأجر ... في وقت كره للصلاة يجري
وإن يك النهي عن الأمر انفصل ... فالفعل بالصحة لا الأجر اتصل
وذا إلى الجمهور ذو انتساب ... وقيل بالأجر مع العقاب
وقد روى البطلان والقضاء ... وقيل ذا فقط له انتفاء
مثل الصلاة بالحرير والذهب ... أو في مكان الغصب والوضو انقلب
ومعطن ومنهج ومقبره ... كنيسة وذي حميم مجزره
وأما الصلاة إلى القبور فإنها لا تجوز أيضًا، بدليل ما أخرجه مسلم في صحيحه، والإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي عن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها" هذا لفظ مسلم. وفي لفظ له