والسجود تصح؛ لفعله - صلى الله عليه وسلم - الثابت في الصحيح من حديث أبي هريرة، وابن عباس، وأنس، ويومئ لهذا الجمع حديث "لعن متخذي القبور مساجد" لأنه أماكن السجود، وصلاة الجنازة لا سجود فيها؛ فموضعها ليس بمسجد لغة لأنه ليس موضع سجود.
تنبيه
اعلم أن ما يزعمه بعض من لا علم عنده: من أن الكتاب والسنة دلا على اتخاذ القبور مساجد، يعني بالكتاب قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (٢١)} ويعني بالسنة ما ثبت في الصحيح من أن موضع مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان فيه قبور المشركين -في غاية السقوط، وقائله من أجهل خلق الله.
أما الجواب عن الاستدلال بالآية فهو أن تقول: من هؤلاء القوم الذين قالوا: لنتخذن عليهم مسجدًا؟ أهم ممن يقتدى به! أم هم كفرة لا يجوز الاقتداء بهم؟ وقد قال أبو جعفر بن جرير الطبري رحمه الله تعالى في هؤلاء القوم ما نصه:"وقد اختلف في قائلي هذه المقالة، أهم الرهط المسلمون أم هم الكفار"؟ فإذا علمت ذلك فاعلم أنهم على القول بأنهم كفار فلا إشكال في أن فعلهم ليس بحجة، إذ لم يقل أحد بالاحتجاج بأفعال الكفار كما هو ضروري، وعلى القول بأنهم مسلمون كما يدل له ذكر المسجد لأن اتخاذ المساجد من صفات المسلمين، فلا يخفى على أدنى عاقل أن قول قوم من المسلمين في القرون الماضية: إنهم سيفعلون كذا لا يعارض به النصوص الصحيحة الصريحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من طمس الله بصيرته، فقابل قولهم:"لنتخذن عليهم مسجدًا" بقوله