بالمقتسمين أقوال للعلماء معروفة، وكل واحد منها يشهد له قرآن؛ إلا أن في الآية الكريمة قرينة تضعف بعض تلك الأقوال:
الأول: أن المراد بالمقتسمين: الذين يحلفون على تكذيب الرسل ومخالفتهم، وعلى هذا القول فالاقتسام افتعال من القسم بمعنى اليمين، وهو بمعنى التقاسم.
ومن الآيات التي ترشد لهذا الوجه قوله تعالى عن قوم صالح:{قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} الآية. أي: نقتلهم ليلًا، وقوله:{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} وقوله: {أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (٤٤)} وقوله: {أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ} إلى غير ذلك من الآيات. فكأنهم كانوا لا يكذبون بشيء إلا أقسموا عليه؛ فسموا مقتسمين.
القول الثاني: أن المراد بالمقتسمين: اليهود والنصارى. وإنما وصفوا بأنهم مقتسمون؛ لأنهم اقتسموا كتبهم فآمنوا ببعضها وكفروا ببعضها.
ويدل لهذا القول قوله تعالى:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} الآية، وقوله:{وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ} الآية.
القول الثالث: أن المراد بالمقتسمين: جماعة من كفار مكة اقتسموا القرآن بأقوالهم الكاذبة، فقال بعضهم: هو شعر. وقال بعضهم: هو سحر. وقال بعضهم: كهانة. وقال بعضهم: أساطير الأولين. وقال بعضهم: اختلقه محمد، - صلى الله عليه وسلم -.