للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه: أنه ذم للإنسان المذكور. والمعنى: خلقناه ليعبدنا ويخضع لنا ويطيع؛ ففاجأ بالخصومة والتكذيب، كما تدل عليه "إذا" الفجائية. ويوضح هذا المعنى قوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} مع قوله جلا وعلا: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨)} وقوله: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (٥٤) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (٥٥)} وقوله: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (٦٧)} إلى غير ذلك من الآيات. وسيأتي إن شاء الله تعالى زيادة إيضاح لهذا المبحث في "سورة الطارق".

تنبيه

اختلف علماء العربية في "إذا" الفجائية؛ فقال بعضهم: هي حرف. وممن قال به الأخفش.

قال ابن هشام في "المغني": ويرجح هذا القول قولهم: خرجت فإذا إن زيدًا بالباب (بكسر إن) لأن "إن" المكسورة لا يعمل ما بعدها فيما قبلها. وقال بعضهم: هي ظرف مكان. وممن قال به المبرد. وقال بعضهم: هي ظرف زمان. وممن قال به الزجاج.

والخصيم صيغة مبالغة، أي: شديد الخصومة، وقيل: الخصيم المخاصم؛ وإتيان الفعيل بمعنى المفاعل كثير في كلام العرب، كالقعيد بمعنى المقاعد، والجليس بمعنى المجالس، والأكيل بمعنى المؤاكل، ونحو ذلك.