المسألة من الاختلاف في تحقيق مناط نص من نصوص الشرع، وذلك أنه ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد" فعلم أن اختلاف الصنفين مناط جواز التفاضل، واتحادهما مناط منع التفاضل، واختلاف العلماء في تحقيق هذا المناط، فبعضهم يقول: اللحم جنس واحد يعبر عنه باسم واحد، فمناط تحريم التفاضل موجود فيه، وبعضهم يقول: هي لحوم مختلفة الجنس؛ لأنها من حيوانات مختلفة الجنس؛ فمناط منع التفاضل غير موجود. والعلم عند الله تعالى.
المسألة الثالثة: لا يجوز بيع اللحم بالحيوان الذي يجوز أكله من جنسه. وهذا مذهب أكثر العلماء؛ منهم مالك، والشافعي وأحمد.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: ويجوز بيع اللحم بالحيوان؛ لأن الحيوان غير ربوي، فأشبه بيعه باللحم بيع اللحم بالأثمان.
واحتج الجمهور بما رواه مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع اللحم بالحيوان.
وفي "الموطأ" أيضًا عن مالك، عن داود بن الحصين: أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: من ميسر أهل الجاهلية بيع الحيوان باللحم بالشاة والشاتين.
وفي "الموطأ" أيضًا عن مالك، عن أبي الزناد، عن سعيد بن