سماع الحسن عن سمرة فأقل درجاته أنه مرسل صحيح، اعتضد بمرسل صحيح، ومثل هذا يحتج به من يحتج بالمرسل ومن لا يحتج به. وقد قدمنا في "سورة المائدة" كلام العلماء في سماع الحسن عن سمرة، وقدمنا في "سورة الأنعام" أن مثل هذا المرسل يحتج به بلا خلاف عند الأئمة الأربعة. فظهر بهذه النصوص أن بيع الحيوان باللحم من جنسه لا يجوز خلافًا لأبي حنيفة. وأما إن كان من غير جنسه كبيع شاة بلحم حوت، أو بيع طير بلحم إبل فهو جائز عند مالك؛ لأن المزابنة تنتفي باختلاف الجنس، وحمل معنى الحديث على هذا وإن كان ظاهره العموم. ومذهب الشافعي مع اختلاف الجنس فيه قولان:
أحدهما: جواز بيع اللحم بالحيوان إذا اختلف جنسهما.
والثاني: المنع مطلقًا لعموم الحديث.
ومذهب أحمد في المسألة ذكره ابن قدامة في المغني بقوله: وأما بيع اللحم بحيوان من غير جنسه فظاهر كلام أحمد والخرقي: أنه لا يجوز، فإن أحمد سئل عن بيع الشاة باللحم فقال: لا يصح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى أن يباع حي بميت" واختار القاضي جوازه، وللشافعي فيه قولان.
واحتج من منعه بعموم الأخبار، وبأن اللحم كله جنس واحد ومن أجازه قال: مال الربا بيع بغير أصله ولا جنسه، فجاز كما لو باعه بالأثمان. وإن باعه بحيوان غير مأكول اللحم جاز في ظاهر قول أصحابنا، وهو قول عامة الفقهاء -انتهى كلام صاحب المغني.