قال مقيده -عفا الله عنه-: قد عرفت مما تقدم أن بعض العلماء قال: إن اللحم كله جنس واحد، وبعضهم قال: إن اللحوم أجناس. فعلى أن اللحم جنس واحد فمنع بيع الحيوان باللحم هو الظاهر، وعلى أن اللحوم أجناس مختلفة فبيع اللحم بحيوان من غير جنسه الظاهر فيه الجواز؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم" والعلم عند الله تعالى.
تنبيه
اشترط المالكية في منع بيع الحيوان باللحم من جنسه: ألا يكون اللحم مطبوخًا، فإن كان مطبوخًا جاز عندهم بيعه بالحيوان من جنسه، وهو معنى قول خليل في مختصره:"وفسد منهى عنه إلا بدليل، كحيوان بلحم جنسه إن لم يطبخ" واحتجوا لذلك بأن الطبخ ينقل اللحم عن جنسه، فيجوز التفاضل بينه وبين اللحم الذي لم يطبخ، فبيعه بالحيوان من باب أولى -هكذا يقولون، والعلم عند الله تعالى.
المسألة الرابعة: اعلم أن ظاهر هذه الآية الكريمة يدل على أنه يجوز للرجل أن يلبس الثوب المكلل باللؤلؤ والمرجان؛ لأن الله جل وعلا قال فيها في معرض الامتنان العام على خلقه عاطفًا على الأكل:{وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} وهذا الخطاب خطاب الذكور كما هو معروف، ونظير ذلك قوله تعالى في سورة فاطر:{وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا}.
وقال القرطبي في تفسيره: امتن الله سبحانه على الرجال والنساء امتنانًا عامًا بما يخرج من البحر، فلا يحرم عليهم شيء