للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال مقيده -عفا الله عنه-: وهذا القول هو الصحيح، لما تقرر في الأصول من: أن النكرة في سياق النفي إذا زيدت قبلها لفظة "من" تكون نصًا صريحًا في العموم. وعليه فقوله: {مِنْ دَابَّةٍ} يشمل كل ما يطلق عليه اسم الدابة نصًا.

وقال القرطبي في تفسيره: فإن قيل: فكيف يعم الهلاك مع أن فيهم مؤمنًا ليس بظالم؟

قيل: يجعل هلاك الظالم انتقامًا وجزاء، وهلاك المؤمن معوضًا بثواب الآخرة.

وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا أراد الله بقوم عذابًا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم" اهـ. محل الغرض منه بلفظه. والأحاديث بمثله كثيرة معروفة.

وإذا ثبت في الأحاديث الصحيحة: أن العذاب إذا نزل بقوم عم الصالح والطالح، فلا إشكال في شمول الهلاك للحيوانات التي لا تعقل. وإذا أراد الله إهلاك قوم أمر نبيهم ومن آمن منهم أن يخرجوا عنهم؛ لأن الهلاك إذا نزل عم.

تنبيه

قوله: {مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ} الضمير في {عَلَيْها} راجع إلى غير مذكور، وهو الأرض؛ لأن قوله: {مِنْ دَابَّةٍ} يدل عليه؛ لأن من المعلوم: أن الدواب إنما تدب على الأرض. ونظيره قوله تعالى: {مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} وقوله: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (٣٢)}