الاحتجاج به. وحكى النووي اتفاق الحفاظ على ضعفه كما قدمنا عنه، وحكموا بأن وقفه على جابر أثبت. وإذن فهو قول صحابي معارض بأقوال جماعة من الصحابة منهم: أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وبالآية، والحديث المتقدمين. وقد يظهر للناظر أن صناعة علم الحديث والأصول لا تقتضي الحكم برد حديث جابر المذكور؛ لأن رفعه جاء من طرق متعددة، وبعضها صحيح، فرواية أبي داود له مرفوعا التي قدمنا ضعفوها بأن في إسنادها يحيى بن سليم الطائفي، وأنه سيىء الحفظ. وقد رواه غيره مرفوعا مع أن يحيى سليم المذكور من رجال البخاري ومسلم في صحيحيهما، ورواية أبي أحمد الزبيري له عن الثوري مرفوعا عند البيهقي والدارقطني، ضعفوها أنه واهم فيها. قالوا: خالفه فيها وكيع وغيره، فرووه عن الثوري موقوفا.
ومعلوم أن أبا أحمد الزبيري المذكور -وهو محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمرو بن درهم الأسدي- ثقة ثبت وإن قال ابن حجر في التقريب: إنه قد يخطىء في حديث الثوري، فهاتان الروايتان برفعه تعضدان برواية بقية بن الوليد له مرفوعا عند البيهقي وغيره، وبقية المذكور من رجال مسلم في صحيحه وإن تكلم فيه كثير من العلماء. ويعتضد ذلك أيضا برواية عبد العزيز بن عبيد الله له، عن وهب بن كيسان، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعا.
ورواية يحيى بن أبي أنيسة له، عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا وإن كان عبد العزيز بن عبيد الله ويحيى بن أبي أنيسة المذكوران ضعيفين؛ لاعتضاد روايتهما برواية الثقة، ويعتضد ذلك