أيضا برواية ابن أبي ذئب له، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعا عند الترمذي وغيره. فالظاهر أنه لا ينبغي أن يحكم على حديث جابر المذكور بأنه غير ثابت؛ لما رأيت من طرق الرفع التي روي بها، وبعضها صحيح، كرواية أبي أحمد المذكورة، والرفع زيادة، وزيادة العدل مقبولة. قال في مراقي السعود:
والرفع والوصل وزيد اللفظ ... مقبولة عند أمام الحفظ
إلخ ... نعم لقائل أن يقول: هو معارض بما هو أقوى منه؛ لأن عموم قوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} وقوله - صلى الله عليه وسلم - في البحر:"هو الطهور ماؤه، الحل ميتته" أقوى من حديث جابر هذا؛ ويؤيد ذلك اعتضاده بالقياس؛ لأنه لا فرق في القياس بين الطافي وغيره. وقد يجاب عن هذا بأنه لا يتعارض عام وخاص، وحديث جابر في خصوص الطافي فهو مخصص لعموم أدلة الإباحة، فالدليل على كراهة أكل السمك الطافي لا يخلو من بعض قوة، والله تعالى أعلم.
والمراد بالسمك الطافي هو الذي يموت في البحر فيطفو على وجه الماء، وكل ما علا على وجه الماء ولم يرسب فيه تسميه العرب طافيا. ومن ذلك قول عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:
وأن العرش فوق الماء طاف ... وفوق العرش رب العالمين
ويحكى في نوادر المجانين أن مجنونا مر به جماعة من بني راسب، وجماعة من بني طفاوة يختصمون في غلام، فقال لهم المجنون: القوا الغلام في البحر، فإن رسب فيه فهو من بني