واختار الشوكاني في "نيل الأوطار": أنه نجس، وأن إزالته لا تتوقف على الماء مطلقًا.
أما حجة من قال: إنه طاهر كالمخاط فهي بالنص والقياس معًا، ومعلوم في الأصول: أن القياس الموافق للنص لا مانع منه؛ لأنه دليل آخر عاضد للنص، ولا مانع من تعاضد الأدلة.
أما النص فهو ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت:"كنت أفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم يذهب فيصلي فيه". أخرجه مسلم في صحيحه، وأصحاب السنن الأربعة، والإمام أحمد. قالوا: فركها له يابسًا، وصلاته في الثوب من غير ذكر غسل -دليل على الطهارة. وفي رواية عند أحمد: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسلت المني من ثوبه بعرف الإذخر ثم يصلي فيه، ويحته من ثوبه يابسًا ثم يصلي فيه. وفي رواية عن عائشة عند الدارقطني:"كنت أفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يابسًا، وأغسله إذا كان رطبًا". وعن إسحاق بن يوسف قال: حدثنا شريك عن محمد بن عبد الرحمن، عن عطاء، عن ابن عباس قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المني يصيب الثوب فقال:"إنما هو بمنزلة المخاط والبصاق، وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو بإذخرة".
قال صاحب (منتقي الأخبار) بعد أن ساق هذا الحديث كما ذكرنا: رواه الدارقطني وقال: لم يرفعه غير إسحاق الأزرق عن شريك.
قلت: وهذا لا يضر؛ لأن إسحاق إمام مخرج عنه في الصحيحين، فيقبل رفعه وزيادته.