اعتبار المشابهة في الصورة في الأحكام؛ كقوله:{فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} والمراد المشابهة في الصورة على قول الجمهور، وكبدل القرض فإنه يرد مثله في الصورة. وقد استسلف - صلى الله عليه وسلم - بكرًا ورد رباعيًا كما هو ثابت في الصحيح. وكسروره - صلى الله عليه وسلم - بقول القائف المدلجي في زيد بن حارثة وابنه أسامة: هذه الأقدام بعضها من بعض؛ لأن القيافة قياس صوري؛ لأن اعتماد القائف على المشابهة في الصورة.
الوجه الثاني من وجهي القياس المذكور: إلحاق المني بالطين، بجامع أن كلًا منهما مبتدأ خلق بشر، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً} الآية.
فإن قيل: هذا القياس يلزمه طهارة العلقة، وهي الدم الجامد؛ لأنها أيضًا مبتدأ خلق بشر، لقوله تعالى:{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً} والدم نجس بلا خلاف.
فالجواب: أن قياس الدم على الطين في الطهارة فاسد الاعتبار، لوجود النص بنجاسة الدم. أما قياس المني على الطين فليس بفاسد الاعتبار لعدم ورود النص بنجاسة المني.
وأما حجة من قال بأن المني نجس فهي بالنص والقياس أيضًا. أما النص فهو ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت:"كنت أغسل المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم يخرج إلى الصلاة وأثر الغسل في ثوبه بقع الماء". متفق عليه. قالوا: غسلها له دليل على أنه نجس. وفي رواية عند مسلم عن عائشة بلفظ: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغسل المني ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب وأنا