جمهور العلماء على أن المراد بالسكر في هذه الآية الكريمة: الخمر؛ لأن العرب تطلق اسم السكر على ما يحصل به السكر، من إطلاق المصدر وإرادة الاسم. والعرب تقول: سكر "بالكسر" سكرًا "بفتحتين" وسكرًا "بضم فسكون".
وقال الزمخشري في الكشاف: والسكر: الخمر، سميت بالمصدر من سكر وسكرًا وسكرًا، نحو رشد رشدًا ورشدًا. قال:
وجاءونا بهم سكر علينا ... فأجلى اليومُ والسكران صاحي اهـ
ومن إطلاق السكر على الخمر قول الشاعر:
بئس الصحاة وبئس الشرب شربهم ... إذا جرى فيهم المراء والسكر
وممن قال بأن السكر في الآية الخمر: ابن عباس، وابن مسعود، وابن عمر، وأبو رزين، والحسن، ومجاهد، والشعبي، والنخعي، وابن أبي ليلى، والكلبي، وابن جبير، وأبو ثور، وغيرهم وقيل: السكر: الخل. وقيل: الطعم. وقيل: العصير الحلو.
وإذا عرفت أن الصحيح هو مذهب الجمهور، وأن الله امتن على هذه الأمة بالخمر قبل تحريمها: فاعلم أن هذه الآية مكية، نزلت بعدها آيات مدنية بينت تحريم الخمر، وهي ثلاث آيات نزلت بعد هذه الآية الدالة على إباحة الخمر:
الأولى: آية البقرة التي ذكر فيها بعض معائبها ومفاسدها، ولم يجزم فيها بالتحريم، وهي قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} وبعد نزولها تركها قوم للإثم الذي فيها، وشربها