الثانية: آية النساء الدالة على تحريمها في أوقات الصلوات، دون الأوقات التي يصحو فيها الشارب قبل وقت الصلاة، كما بين صلاة العشاء وصلاح الصبح، وما بين صلاة الصبح وصلاة الظهر، وهي قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى .. } الآية.
وهذه الآية الكريمة تدل على تحريم الخمر أتم دلالة وأوضحها؛ لأنه تعالى صرح بأنها رجس، وأنها من عمل الشيطان، وأمر باجتنابها أمرًا جازمًا في قوله:{فَاجْتَنِبُوهُ} واجتناب الشيء: هو التباعد عنه، بأن تكون في غير الجانب الذي هو فيه، وعلق رجاء الفلاح على اجتنابها في قوله:{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ويفهم منه: أنه من لم يجتنبها لم يفلح، وهو كذلك.
ثم بين بعض مفاسدها بقوله:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ}.
ثم أكد النهي عنها بأن أورده بصيغة الاستفهام في قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١) }؟ فهو أبلغ في الزجر من صيغة الأمر التي هي {انْتَهَوْا} وقد تقرر في فن المعاني: أن من معاني صيغة الاستفهام التي ترد لها الأمر؛ كقوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١) } وقوله: {وَقُلْ لِلَّذِينَ