النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا} الآية. وما دلت على إباحته آية من كتاب الله لا يصح أن يقال: إن إباحته عقلية، بل هي إباحة شرعية منصوصة في كتاب الله، فرفعها نسخ. نعم على القول بأن معنى السكر في الآية: الخل أو الطعم أو العصير، فتحريم الخمر ليس نسخًا لإباحتها، وإباحتها الأولى عقلية. وقد بينا هذا المبحث في كتابنا (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب).
فإن قيل: الآية واردة بصيغة الخبر، والأخبار لا يدخلها النسخ كما تقرر في الأصول.
فالجواب: أن النسخ وارد على ما يفهم من الآية من إباحة الخمر، والإباحة حكم شرعي كسائر الأحكام قابل للنسخ؛ فليس النسخ واردًا على نفس الخمر، بل على الإباحة المفهومة من الخبر؛ كما حققه ابن العربي المالكي وغيره.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{وَرِزْقًا حَسَنًا} أي: التمر والرطب، والعنب والزبيب، والعصير ونحو ذلك.
تنبيه آخر
اعلم: أن النبيذ الذي يسكر منه الكثير لا يجوز أن يشرب منه القليل الذي لا يسكر لقلته، وهذا مما لا شك فيه.
فمن زعم جواز شرب القليل الذي لا يسكر منه كالحنفية وغيرهم فقد غلط غلطًا فاحشًا؛ لأن ما يسكر كثيره يصدق عليه بدلالة المطابقة أنه مسكر، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:"كل مسكر حرام" وقد ثبت عنه في الصحيح - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "كل مسكر خمر، وكل