الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثني شرحبيل بن شريك، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"قد أفلح من أسلم ورزق كفافًا، وقنعه الله بما آتاه" ورواه مسلم من حديث عبد الله بن يزيد المقري به. وروي الترمذي والنسائي من حديث أبي هانئ: عن أبي على الجنبي، عن فضالة بن عبيد: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"قد أفلح من هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافًا وقنع به" وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا همام، عن يحيى، عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يعطي بها في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة. وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضي إلى الآخرة لم تكن له حسنة يعطي بها خيرًا" انفرد بإخراجه مسلم اهـ من ابن كثير.
وهذه الأحاديث ظاهرة في ترجيح القول بأن الحياة الطيبة في الدنيا؛ لأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفلح" يدل على ذلك لأن من نال الفلاح نال حياة طيبة، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يعطي بها في الدنيا" يدل على ذلك أيضًا. وابن كثير إنما ساق الأحاديث المذكورة لينبه على أنها ترجح القول المذكور. والعلم عند الله تعالى.
وقد تقرر في الأصول: أنه إذا دار الكلام بين التوكيد والتأسيس رجح حمله على التأسيس؛ وإليه أشار في مراقي السعود جامعًا له مع نظائر يجب فيها تقديم الراجح من الاحتمالين بقوله: