العود إلى أكل الميتة مرة بعد أخرى إن لم يجد الطاهر، فهذا محل الخلاف.
قال النووي: وهذا التفصيل الذي ذكره الإمام والغزالي تفصيل حسن وهو الراجح، وعن الإمام أحمد -رحمه الله- في هذه المسألة روايتان أيضا.
قال ابن قدامة في المغني: وفي الشبع روايتان، أظهرهما: لا يباح، وهو قول أبي حنيفة، وإحدى الروايتين عن مالك، وأحد القولين للشافعي. قال الحسن: يأكل قدر ما يقيمه؛ لأن الآية دلت على تحريم الميتة؛ واستثني ما اضطر إليه، فإذا اندفعت الضرورة لم يحل له الأكل، كحالة الابتداء، ولأنه بعد سد الرمق غير مضطر فلم يحل له الأكل للآية. يحققه: أنه بعد سد رمقه كهو قبل أن يضطر، وثم لم يبح له الأكل، كذا ههنا.
والثانية: يباح له الشبع. اختارها أبو بكر لما روى جابر بن سمرة أن رجلا نزل الحرة فنفقت عنده ناقة، فقالت له امرأته: أسلخها حتى نقدد شحمها ولحمها ونأكله. فقال: حتى أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأله فقال: هل عندك غنى يغنيك؟ قال: لا. قال: فكلوها، ولم يفرق. رواه أبو داود.
ويدل له أيضا حديث الفجيع العامري عنده: أن النبي أذن له في الميتة مع أنه يغتبق ويصطبح، فدل على أخذ النفس حاجتها من القوت منها؛ ولأن ما جاز سد الرمق منه جاز الشبع كالمباح. ويحتمل أن يفرق بين ما إذا كانت الضرورة مستمرة، وبين ما إذا كانت مرجوة الزوال، فما كانت مستمرة كحالة الأعرابي الذي سأل