"فهو كفارته" نص صريح في أن الحدود تطهر المرتكبين لها من الذنب.
والتحقيق في ذلك ما حققه بعض العلماء: من أن حقوق الله يطهر منها بإقامة الحد، وحق المخلوق يبقى، فارتكاب جريمة السرقة مثلًا يطهر منه بالحد، والمؤاخذة بالمال تبقى؛ لأن السرقة علة موجبة حكمين: وهما القطع، والغرم، قال في مراقي السعود:
وذاك في الحكم الكثير أطلقه ... كالقطع مع غرم نصاب السرقة
مع أن جماعة من أهل العلم قالوا: لا يلزمه الغرم مع القطع، لظاهر الآية الكريمة، فإنها نصت على القطع ولم تذكر غرمًا.
وقال جماعة: يغرم المسروق مطلقًا، فات أو لم يفت، معسرًا كان أو موسرًا، ويتبع به دينا إن كان معسرًا.
وقال جماعة: يرد المسروق إن كان قائمًا، وإن لم يكن قائمًا رد قيمته إن كان موسرًا، فإن كان معسرًا فلا شيء عليه ولا يتبع به دينًا.
وقطع السارق كان معروفًا في الجاهلية فأقره الإسلام. وعقد ابن الكلبي بابًا لمن قطع في الجاهلية بسبب السرقة، فذكر قصة الذين سرقوا غزال الكعبة فقطعوا في عهد عبد المطلب. وذكر ممن قطع في السرقة عوف ابن عبد بن عمرو بن مخزوم، ومقيس بن قيس بن عدي بن سهم وغيرهما، وأن عوفًا السابق لذلك - انتهى.