داود. فعلينا أن نستعد لكفاح العدو من التمسك بديننا، وانظر قوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} فهو أمر جازم بإعداد كل ما في الاستطاعة من قوة، ولو بلغت القوة من التطور ما بلغت، فهو أمر جازم بمسايرة التطور في الأُمور الدنيوية، وعدم الجمود على الحالات الأول إِذا طرأ تطور جديد، ولكن كل ذلك مع التمسك بالدين.
ومن أوضح الأدلة في ذلك قوله تعالى:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ .. } الآية. فصلاة الخوف المذكورة في هذه الآية الكريمة تدل على لزوم الجمع بين مكافحة العدو، وبين القيام بما شرعه الله جل وعلا من دينه، فأمره تعالى في هذه الآية بإقامة الصلاة في وقت التحام الكفاح المسلح يدل على ذلك دلالة في غاية الوضوح. وقد قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥)} فأمره في هذه الآية الكريمة بذكر الله كثيرًا عند التحام القتال يدل على ذلك أيضًا دلالة واضحة. فالكفار خيلوا لضعاف العقول أن النسبة بين التقدم والتمسك بالدين، والسمت الحسن، والأخلاق الكريمة = تباين مقابلة كتباين النقيضين، كالعدم والوجود، والنفي والإثبات، أو الضدين كالسواد والبياض، والحركة والسكون، أو المتضائفين كالأبوة والبنوة، والفوق والتحت، أو العدم والملكة كالبصر والعمى.