للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلق يقتضي الوجوب على التحقيق كما تقرر في الأصول؛ لأن الله يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)} ويقول لإبليس: { مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} فدل على أن مخالفة الأمر معصية. وقال تعالى عن نبيه موسى في خطابه لأخيه: {أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣)} فأطلق اسم المعصية على مخالفة الأمر؛ وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} فدلت الآية على أن أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - مانع من الاختيار، موجب للامتثال، لاسيما وقد أكد النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الأمر بالترك بقوله: "فإنها منتنة" وحسبك بالنتن موجبًا للتباعد؛ لدلالته على الخبث البالغ.

فدل هذا الحديث الصحيح على أن النداء برابطة القومية مخالف لما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن فاعله يتعاطى المنتن، ولا شك أن المنتن خبيث، والله تعالى يقول: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ .. } الآية، ويقول: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} وحديث جابر هذا الذي قدمناه عن البخاري أخرجه أيضًا مسلم في صحيحه قال رحمه الله:

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، وأحمد بن عبدة الضبي، وابن أبي عمر، واللفظ لابن أبي شيبة قال ابن عبدة: أخبرنا، وقال الآخرون: حدثنا سفيان بن عيينة قال: سمع عمرو جابر بن عبد الله يقول: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزاة، فكسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار!؟ وقال المهاجري: يا للمهاجرين!؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بال دعوى الجاهلية"! قالوا: يا رسول الله، كسع رجل من المهاجرين