ويقابل ذلك بما لسلمان الفارسي من الفضل والمكانة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين، وقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال فيه:"سلمان منا أهل البيت" ورواه الطبراني، والحاكم في المستدرك، وجعل عليه صاحب الجامع الصغير علامة الصحة. وضعفه الحافظ الذهبي.
وقال الهيثمي: فيه عند الطبراني كثير بن عبد الله المزني ضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات. وقد أجاد من قال:
لقد رفع الإسلامُ سلمانَ فارس ... وقد وضع الكفرُ الشريفَ أبا لهب
وقد أجمع العلماء: على أن الرجل إن مات، وليس له من القرباء إلا ابن كافر، أن إرثه يكون للمسلمين بأخوة الإسلام، ولا يكون لولده لصلبة الذي هو كافر، والميراث دليل القرابة، فدل ذلك على أن الأخوة الدينية أقرب من النبوة النسبية.
وبالجملة، فلا خلاف بين المسلمين أن الرابطة التي تربط أفراد أهل الأرض بعضهم ببعض، وتربط بين أهل الأرض والسماء، هي رابطة "لا إله إلا الله" فلا يجوز البتة النداء برابطة غيرها. ومن والى الكفار بالروابط النسبية محبة لهم، ورغبة فيهم يدخل في قوله تعالى:{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} وقوله تعالى: {إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (٧٣)} والعلم عند الله تعالى.
وبالجملة: فالمصالح التي عليها مدار الشرائع ثلاثة:
الأولى: درء المفاسد المعروف عند أهل الأصول بالضروريات.
والثانية: جلب المصالح، المعروف عند أهل الأصول بالحاجيات.