فقوله:{لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا} في معنى لا قدرة لكم عليها، وهذا يعم سلب جميع أنواع القدرة؛ لأن النكرة في سياق النفي تدل على عموم السلب وشموله لجميع الأفراد الداخلة تحت العنوان، كما هو معروف في محله.
وبهذا تعلم أن جميع أنواع القدرة عليها مسلوب عنهم، ولكن الله جل وعلا أحاط بها فأقدرهم عليها، لما علم من الإيمان والإخلاص في قلوبهم: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (١٧٣)}.
المشكلة الثانية
هي تسليط الكفار على المؤمنين بالقتل والجراح، وأنواع الإيذاء، مع أن المسلمين على الحق، والكفار على الباطل.
وهذه المشكلة استشكلها أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأفتى الله جل وعلا فيها، وبين السبب في ذلك بفتوى سماوية تتلى في كتابه جل وعلا.
وذلك أنه لما وقع ما وقع بالمسلمين يوم أحد، فقتل عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن عمته، ومثل بهما، وقتل غيرهما من المهاجرين، وقتل سبعون رجلًا من الأنصار، وجرح - صلى الله عليه وسلم -، وشقت شفته، وكسرت رباعيته، وشج - صلى الله عليه وسلم -.
استشكل المسلمون ذلك وقالوا: كيف ينال منا المشركون؟ ونحن على الحق وهم على الباطل؟! فأنزل الله قوله تعالى:{أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}.
وقوله تعالى:{قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} فيه إجمال بينه تعالى