وعلى هذا القول: فآية الليل هي القمر، وآية النهار هي الشمس، والمحو الطمس. وعلى هذا القول: فمحو آية الليل قيل: معناه السواد الذي في القمر؛ وبهذا قال على رضي الله عنه، ومجاهد، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وقيل: معنى {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ} أي: لم نجعل في القمر شعاعًا كشعاع الشمس ترى به الأشياء رؤية بينة، فنقص نور القمر عن نور الشمس هو معنى الطمس على هذا القول.
وهذا أظهر عندي لمقابلته تعالى له بقوله:{وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} والقول بأن معنى محو آية الليل: السواد الذي في القمر ليس بظاهر عندي، وإن قال به بعض الصحابة الكرام، وبعض أجلاء أهل العلم؟.
وقوله:{وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ} على التفسير المذكور، أي: الشمس {مُبْصِرَةً} أي: ذات شعاع يبصر في ضوئها كل شيء على حقيقته.
قال الكسائي: هو من قول العرب: أبصر النهار: إذ أضاء وصار بحالة يبصر بها - نقله عنه القرطبي.
قال مقيده -عفا الله عنه-: هذا التفسير من قبيل قولهم: نهاره صائم، وليله قائم، ومنه قوله:
لقد لمتنا يا أم الغيلان في السرى ... ونمت وما ليل المحب بنائم