وإذا لم يلزمه الشراء فهو كما إذا لم يبذله أصلا، وإذا لم يبذله لم يقاتله عليه المضطر إن خاف من المقاتلة على نفسه، أو خاف هلاك المالك في المقاتلة، بل يعدل إلى الميتة، وإن كان لا يخاف، لضعف المالك وسهولة دفعه فهو على الخلاف المذكور فيما إذا كان غائبا، هذا كله تفريع على المذهب الصحيح. وقال البغوي: يشتريه بالثمن الغالي، ولا يأكل الميتة. ثم يجىء الخلاف السابق في أنه يلزمه المسمى، أو ثمن المثل، قال: وإذا لم يبذل أصلا، وقلنا: طعام الغير أولى من الميتة يجوز أن يقاتله ويأخذه قهرا والله أعلم. وحاصل مذهب الإمام أحمد في هذه المسألة أنه يقدم الميتة على طعام الغير. قال الخرقي في مختصره: ومن اضطر فأصاب الميتة وخبزا لا يعرف مالكه أكل الميتة اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني في شرحه لهذا الكلام ما نصه: وبهذا قال سعيد بن المسيب، وزيد بن أسلم. وقال مالك: إن كانوا يصدقونه أنه مضطر أكل من الزرع والثمر، وشرب اللبن، وإن خاف أن تقطع يده أو لا يقبل منه أكل الميتة، ولأصحاب الشافعي وجهان:
أحدهما: يأكل الطعام، وهو قول عبد الله بن دينار، لأنه قادر على الطعام الحلال فلم يجز له أكل الميتة، كما لو بذله له صاحبه.
ولنا أن أكل الميتة منصوص عليه، ومال الآدمي مجتهد فيه، والعدول إلى المنصوص عليه أولى، ولأن حقوق الله تعالى مبنية على المسامحة والمساهلة، وحقوق الآدمي مبنية على الشح والتضييق، ولأن حق الآدمي تلزمه غرامته، وحق الله لا عوض له.