الحمامة. وقولهم: الموت في الرقاب. وهذا الأمر ربقة في رقبته، ومنه قول الشاعر:
اذهب بها إذهب بها ... طوقتها طوق الحمامه
فالمعنى في ذلك كله: اللزوم وعدم الانفكاك.
وقوله جل وعلا في هذه الآية الكريمة: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (١٣)} ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن ذلك العمل الذي ألزم الإنسان إياه يخرجه له يوم القيامة مكتوبًا في كتاب يلقاه منشورا، أي: مفتوحًا يقرؤه هو وغيره.
وبين أشياء من صفات هذا الكتاب الذي يلقاه منشورًا في آيات أخر، فبين أن من صفاته: أن المجرمين مشفقون، أي: خائفون مما فيه، وأنه لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وأنهم يجدون فيه جميع ما عملوا حاضرًا ليس منه شيء غائبًا، وأن الله جل وعلا لا يظلمهم في الجزاء عليه شيئًا، وذلك في قوله جل وعلا: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (٤٩)}.
وبين في موضع آخر: أن بعض الناس يؤتى هذا الكتاب بيمينه -جعلنا الله وإخواننا المسلمين منهم- وأن من أوتيه بيمينه يحاسب حسابًا يسيرًا، ويرجع إلى أهله مسرورًا، وأنه في عيشة راضية، في جنة عالية، قطوفها دانية، قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (٩)}