للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأن من ضل عن طريق الصواب فعمل بما يسخط ربه جل وعلا، أن ضلاله ذلك إنما هو على نفسه؛ لأنه هو الذي يجني ثمرة عواقبه السيئة الوخيمة، فيخلد به في النار.

وبين هذا المعنى في مواضع كثيرة؛ كقوله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا .. } الآية، وقوله: {مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (٤٤)} وقوله: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (١٠٤)} وقوله: {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (١٠٨)} والآيات بمثل هذا كثيرة جدًا. وقد قدمنا طرفًا منها في سورة "النحل".

• قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه لا تحمل نفس ذنب أخرى؛ بل لا تحمل نفس إلا ذنبها. فقوله: {وَلَا تَزِرُ} أي: لا تحمل، من وزر يزر إذا حمل. ومنه سمى وزير السلطان؛ لأنه يحمل أعباء تدبير شئون الدولة. والوزر: الإثم؛ يقال: وزر يزر وزرًا، إذا أثم. والوزر أيضًا: الثقل المثقل، أي: لا تحمل نفس وازرة، أي: آثمة وزر نفس أخرى؛ أي: إثمها، أو حملها الثقيل؛ بل لا تحمل إلا وزر نفسها.

وهذا المعنى جاء في آيات أخرى؛ كقوله: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} وقوله: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ .. } الآية، وقوله: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ