مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤)} إلى غير ذلك من الآيات.
وقد قدمنا في سورة "النحل" بإيضاح: أن هذه الآيات لا يعارضها قوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ .. } الآية، ولا قوله:{لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} الآية؛ لأن المراد بذلك أنهم حملوا أوزار ضلالهم في أنفسهم، وأوزار إضلالهم غيرهم؛ لأن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا - كما تقدم مستوفى.
تنبيه
يرد على هذه الآية الكريمة سؤالان:
الأول: ما ثبت في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما من "أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه" فيقال: ما وجه تعذيبه ببكاء غيره، إذ مؤاخذته ببكاء غيره قد يظن من لا يعلم أنها من أخذ الإنسان بذنب غيره؟.
السؤال الثاني: إيجاب دية الخطأ على العاقلة، فيقال: ما وجه إلزام العاقلة الدية بجناية إنسان آخر؟
والجواب عن الأول: هو أن العلماء حملوه على أحد أمرين: الأول: أن يكون الميت أوصى بالنوح عليه، كما قال طرفة بن العبد في معلقته:
إذا مت فانعيني بما أنا أهله ... وشقي علي الجيب يا ابنة معبد