وذهبت جماعة أخرى من أهل العلم إلى أن كل من مات على الكفر فهو في النار ولو لم يأته نذير، واستدلوا بظواهر آيات من كتاب الله، وبأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فمن الآيات التي استدلوا بها قوله تعالى: {وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٨)} وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١)} وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٩١)} وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وقوله: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (٣١)} وقوله: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} الآية، وقوله: {قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (٥٠)} إلى غير ذلك من الآيات.
وظاهر جميع هذه الآيات العموم؛ لأنها لم تخصص كافرًا دون كافر؛ بل ظاهرها شمول جميع الكفار.
ومن الأحاديث الدالة على أن الكفار لا يعذرون في كفرهم بالفترة ما أخرجه مسلم في صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: أن رجلًا قال: يا رسول الله، أين أبي؟. قال:"في النار" فلما قفى دعاه فقال: "إن أبي وأباك في النار" اهـ.
وقال مسلم رحمه الله في صحيحه أيضًا: حدثني يحيى بن أيوب، ومحمد بن عباد -واللفظ ليحيى- قالا: حدثنا مروان بن معاوية، عن يزيد يعني ابن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة