قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي". حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب قال: حدثنا محمد ابن عبيد، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: زار النبي - صلى الله عليه وسلم - قبر أمه فبكى وأبكى من حوله؛ فقال:"استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت" اهـ. إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على عدم عذر المشركين بالفترة.
وهذا الخلاف مشهور بين أهل الأصول -هل المشركون الذين ماتوا في الفترة وهم يعبدون الأوثان في النار لكفرهم، أو معذورون بالفترة؛ وعقده في "مراقي السعود" بقوله:
ذو فترة بالفرع لا يراع ... وفي الأصول بينهم نزاع
وممن ذهب إلى أَنّ أهل الفترة الذين ماتوا على الكفر في النار: النووي في شرح مسلم، وحكى عليه القرافي -في شرح التنقيح- الإجماع؛ كما نقله عنه صاحب "نشر البنود".
وأجاب أهل هذا القول عن قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)} من أربعة أوجه:
الأول: أن التعذيب المنفي في قوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ .. } الآية، وأمثالها من الآيات: إنما هو التعذيب الدنيوي؛ كما وقع في الدنيا من العذاب بقوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم لوط، وقوم شعيب، وقوم موسى وأمثالهم. وإذًا فلا ينافي ذلك التعذيب