للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا وجد هذا الوصف المركب الذي هو القتل العمد العدوان، ولم يوجد الحكم الذي هو القصاص في قتل الوالد ولده لكون الأبوة مانعًا من تأثير العلة في الحكم = فلا يقال هذه العلة منقوضة؛ لتخلف الحكم عنها في هذه الصورة، بل هي علة منع من تأثيرها مانع، فيخصص تأثيرها بما لم يمنع منه مانع.

وكذلك من زوج أمته من رجل، وغره فزعم له أنها حرة فولد منها؛ فإن الولد يكون حرًا، مع أن رق الأم علة لرق الولد إجماعًا؛ لأن كل ذات رحم فولدها بمنزلتها؛ لأن الغرور مانع، منع من تأثير العلة التي هي رق الأم في الحكم الذي هو رق الولد.

وكذلك الزنى، فإنه علة للرجم إجماعًا.

فإذا تخلف شرط تأثير هذه العلة التي هي الزنى في هذا الحكم الذي هو الرجم، ونعني بذلك الشرط الإحصان، فلا يقال: إنها علة منقوضة، بل هي علة تخلف شرط تأثيرها. وأمثال هذا كثيرة جدًا، هكذا قاله بعض المحققين.

قال مقيده -عفا الله عنه-: الذي يظهر: أن آية "الحشر" دليل على أن النقض تخصيص للعلة مطلقًا، والله تعالى أعلم. ونعني بآية "الحشر" قوله تعالى في بني النضير: {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (٣)}.

ثم بين جل وعلا علة هذا العقاب بقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية. وقد يوجد بعض من شاق الله ورسوله، ولم يعذب بمثل العذاب الذي عذب به بنو النضير، مع الاشتراك في العلة التي