قال الباجي: إن وجد المضطر ميتة وخنزيرا فالأظهر عندي أن يأكل الميتة، لأن الخنزير ميتة ولا يباح بوجه، وكذلك يقدم الصيد على الخنزير، والإنسان على الظاهر، ولم يجز عند المالكية أكل الإنسان للضرورة مطلقا، وقتل الإنسان الحي المعصوم الدم، لأكله عند الضرورة حرام إجماعا، سواء كان مسلما، أو ذميا. وإن وجد إنسان معصوم ميتا فهل يجوز لحمه عند الضرورة، أو لا يجوز؟ منعه المالكية والحنابلة وأجازه الشافعية وبعض الحنفية. واحتج الحنابلة لمنعه، لحديث "كسر عظم الميت ككسر عظم الحي" واختار أبو الخطاب منهم جواز أكله، وقال: لا حجة في الحديث هنا، لأن الأكل من اللحم لا من العظم، والمراد بالحديث التشبيه في أصل الحرمة، لا في مقدارها، بدليل اختلافهما في الضمان والقصاص، ووجوب صيانة الحي بما لا يجب به صيانة الميت قاله في المغني. ولو وجد المضطر آدميا غير معصوم كالحربي والمرتد فله قتله والأكل منه عند الشافعية، وبه قال القاضي من الحنابلة، واحتجوا بأنه لا حرمة له فهو بمنزلة السباع والله تعالى أعلم.
المسألة السادسة: هل يجوز للمضطر أن يدفع ضرورته بشرب الخمر؟ فيه للعلماء أربعة أقوال:
الأول: المنع مطلقا.
الثاني: الإباحة مطلقا.
الثالث: الإباحة في حالة الاضطرار إلى التداوي بها، دون العطش.