النووي عن الشافعي، قال: وقد نقل الروياني أن الشافعي -رحمه الله- نص على المنع من شربها للعطش؛ معللا بأنها تجيع وتعطش.
وقال القاضي أبو الطيب: سألت من يعرف ذلك فقال: الأمر كما قال الشافعي: إنها تروي في الحال، ثم تثير عطشا عظيما. وقال القاضي حسين في تعليقه: قالت الأطباء: الخمر تزيد في العطش وأهل الشرب يحرصون على الماء البارد، فحصل بما ذكرناه أنها لا تنفع في دفع العطش. وحصل بالحديث الصحيح السابق في هذه المسألة أنها لا تنفع في الدواء، فثبت تحريمها مطلقا والله تعالى أعلم. اهـ. من شرح المهذب. وبه تعلم أن ما اختاره الغزالي وإمام الحرمين من الشافعية، والأبهري من المالكية، من جوازها للعطش خلاف الصواب، وما ذكره إمام الحرمين والأبهري من أنها تنفع في العطش خلاف الصواب أيضا، والعلم عند الله تعالى.
ومن مر ببستان لغيره فيه ثمار وزرع، أو بماشية فيها لبن، فإن كان مضطرا اضطرارا يبيح الميتة فله الأكل بقدر ما يرد جوعه إجماعا، ولا يجوز له حمل شيء منه، وإن كان غير مضطر، فقد اختلف العلماء في جواز أكله منه.
فقيل: له أن يأكل في بطنه من غير أن يحمل منه شيئا، وقيل: ليس له ذلك، وقيل: بالفرق بين المحوط عليه فيمنع، وبين غيره فيجوز، وحجة من قال بالمنع مطلقا، ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من عموم قوله:"إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا" وعموم قوله تعالى: {لا تَأْكُلُوا