اللفظ، ولاسيما على الرواية التي تصرح بتمييز الخمسين بالرجل عند أبي داود وغيره.
الفرع الثاني: قد علمت أن المبدأ بأيمان القسامة أولياء الدم على التحقيق كما تقدم إيضاحه، فإن حلفوا استحقوا القود أو الدية على الخلاف المتقدم، وإن نكلوا ردت الأيمان على المدعى عليهم؛ فإن حلفوها برئوا عند الجمهور، وهو الظاهر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم" أي: يبرءون منكم بذلك. وهذا قول مالك والشافعي، والرواية المشهورة عن أحمد، وبه قال يحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة، وأبو الزناد، والليث، وأبو ثور، كما نقله عنهم صاحب المغني.
وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنهم إن حلفوا لزم أهل المحلة التي وجد بها القتيل أن يغرموا الدية، وذكر نحوه أبو الخطاب رواية عن أحمد، وقد قدمنا أن عمر ألزمهم الدية بعد أن حلفوا. ومعلوم أن المبدأ بالأيمان عند أبي حنيفة المدعى عليهم، ولا حلف على الأولياء عنده كما تقدم.
الفرع الثالث: إن امتنع المدعون من الحلف ولم يرضوا بأيمان المدعى عليهم فالظاهر أن الإمام يعطي ديته من بيت المال؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل كذلك، والله تعالى يقول:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.
الفرع الرابع: إن رُدت الأيمان على المدعى عليهم فقد قال بعض أهل العلم: لا يبرأ أحد منهم حتى يحلف بانفراده خمسين يمينًا، ولا توزع الأيمان عليهم بقدر عددهم.