للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا خلاف بين العلماء في أنه لا يحلف أيمان القسامة.

وقال الشافعي: يحلف في القسامة كل وارث بالغ ذكرًا كان أو أنثى، عمدًا كان أو خطأ.

واحتج القائلون بأنه لا يحلف إلا الرجال بأن في بعض روايات الحديث في القسامة يقسم خمسون رجلًا منكم. قالوا: ويفهم منه أن غير الرجال لا يقسم.

واحتج الشافعي ومن وافقه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تحلفون خمسين يمينًا فتستحقون دم صاحبكم" فجعل الحالف هو المستحق للدية والقصاص، ومعلوم أن غير الوارث لا يستحق شيئًا، فدل على أن المراد حلف من يستحق الدية.

وأجاب الشافعية عن حجة الأولين بما قاله النووي في شرح مسلم؛ فإنه قال في شرحه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يقسم خمسون منكم على رجل منهم" ما نصه: هذا مما يجب تأويله؛ لأن اليمين إنما تكون على الوارث خاصة لا على غيره من القبيلة. وتأويله عند أصحابنا: أن معناه يؤخذ منكم خمسون يمينًا، والحالف هم الورثة، فلا يحلف أحد من الأقارب غير الورثة، يحلف كل الورثة ذكورًا كانوا أو إناثًا، سواء كان القتل عمدًا أو خطأ. هذا مذهب الشافعي، وبه قال أبو ثور وابن المنذر. ووافقنا مالك فيما إذا كان القتل خطأ، وأما فى العمد فقال: يحلف الأقارب خمسين يمينًا، ولا تحلف النساء ولا الصبيان. ووافقه ربيعة والليث، والأوزاعي، وأحمد، وداود، وأهل الظاهر. انتهى الغرض من كلام النووي رحمه الله.

ومعلوم أن هذا التأويل الذي أولوا به الحديث بعيد من ظاهر