{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} وهو - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله إلا لينبه الناس له.
فإن قيل: إنما فعله - صلى الله عليه وسلم - لأن الله أوحى إليه ذلك.
قلنا: فعله حجة في فعل مثل ذلك الذي فعل، ولو كان فعله بوحي كسائر أقواله وأفعاله وتقريراته، فكلها تثبت بها الحجة، وإن كان هو - صلى الله عليه وسلم - فعل ما فعل من ذلك بوحي من الله تعالى.
مسألة
قال ابن خويز منداد من علماء المالكية: تضمنت هذه الآية الحكم بالقافة؛ لأنه لما قال:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} دل على جواز ما لنا به علم؛ فكل ما علمه الإنسان أو غلب على ظنه جاز أن يحكم به. وبهذا احتججنا على إثبات القرعة والخرص؛ لأنه ضرب من غلبة الظن، وقد يسمى علمًا اتساعًا، فالقائف يلحق الولد بأبيه من طريق الشبه بينهما، كما يلحق الفقيه الفرع بالأصل عن طريق الشبه. وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل علي مسرورًا تبرق أسارير وجهه فقال:"ألم تري أن مجززًا المدلجي نظر آنفًا إلى زيد بن حارثة، وأسامة بن زيد عليهما قطيفة، قد غطيا رءوسهما وبدت أقدامهما فقال: إن بعض هذه الأقدام لمن بعض" وفي حديث يونس بن يزيد: وكان مجزز قائفًا اهـ. بواسطة نقل القرطبي في تفسيره.
قال مقيده -عفا الله عنه-: من المعلوم أن العلماء اختلفوا في اعتبار أقوال القافة؛ فذهب بعضهم إلى عدم اعتبارها.