واحتج من قال بعدم اعتبارها بقصة الأنصارية التي لاعنت زوجها وجاءت بولد شبيه جدًّا بمن رُميت به، ولم يعتبر هذا الشبه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يحكم بأن الولد من زنى ولم يجلد (١) المرأة.
قالوا: فلو كان الشبه تثبت به الأنساب لأثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - به أن ذلك الولد من ذلك الرجل الذي رميت به؛ فيلزم على ذلك إقامة الحد عليها، والحكم بأن الولد ابن زنى، ولم يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا من ذلك كما يأتي إيضاحه "في سورة النور" إن شاء الله تعالى.
وهذا القول بعدم اعتبار أقوال القافة مروي عن أبي حنيفة وإسحاق والثوري وأصحابهم.
وذهب جمهور أهل العلم إلى اعتبار أقوال القافة عند التنازع في الولد، محتجين بما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سر بقول مجزز بن الأعور المدلجي: إن بعض هذه الأقدام من بعض، حتى برقت أسارير وجهه من السرور.
قالوا: وما كان - صلى الله عليه وسلم - ليسر بالباطل ولا يعجبه، بل سروره بقول القائف دليل على أنه من الحق لا من الباطل؛ لأن تقريره وحده كاف في مشروعية ما قرر عليه، وأحرى في ذلك ما لو زاد السرور بالأمر على التقرير عليه، وهو واضح كما ترى.
واعلم أن الذين قالوا باعتبار أقوال القافة اختلفوا، فمنهم من قال: لا يقبل ذلك إلا في أولاد الإماء دون أولاد الحرائر، ومنهم من قال: يقبل ذلك في الجميع.