للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأظهر القولين عندي في قوله تعالى: {إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ} أن معناه لن تجعل فيها خرقًا بدوسك لها، وشدة وطئك عليها، ويدل لهذا المعنى قوله بعده: {وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (٣٧)} أي: أنت أيها المتكبر المختال ضعيف حقير عاجز محصور بين جمادين! أنت عاجز عن التأثير فيهما، فالأرض التي تحتك لا تقدر أن تؤثر فيها فتخرقها بشدة وطئك عليها، والجبال الشامخة فوقك لا يبلغ طولك طولها، فاعرف قدرك، ولا تتكبر، ولا تمش في الأرض مرحًا.

القول الثاني: أن معنى: {لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ} لن تقطعها بمشيك. قاله ابن جرير، واستشهد له بقوله رؤبة بن العجاج:

وقاتم الأعماق خاوي المخترق ... مشتبه الأعلام لماع الخفق

لأن مراده بالمخترق مكان الاختراق، أي: المشي والمرور فيه.

وأجود الأعاريب في قوله: {طُولًا (٣٧)} أنه تمييز محول عن الفاعل، أي: لن يبلغ طولك الجبال خلافًا لمن أعربه حالًا، ومن أعربه مفعولًا من أجله. وقد أجاد من قال:

ولا تمش فوق الأرض إلا تواضعًا ... فكم تحتها قوم هم منك أرفع

وإن كنت في عز وحرز ومنعة ... فكم مات من قوم هم منك أمنع

واستدل بعض أهل العلم بقوله تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} على منع الرقص وتعاطيه؛ لأن فاعله ممن يمشي مرحًا.

• قوله تعالى: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ