للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اللَّهُ وَلَدًا (٤)} أي: ينذرهم بأسًا شديدًا {مِنْ لَدُنْهُ} أي: من عنده كما تقدم. وهذا منَ عطف الخاص على العام؛ لأن قوله: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} شامل للذين قالوا: {اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا}، ولغيرهم من سائر الكفار.

وقد تقرر في فن المعاني: أن عطف الخاص على العام -إذا كان الخاص يمتاز عن سائر أفراد العام بصفات حسنة أو قبيحة- من الإطناب المقبول؛ تنزيلًا للتغاير في الصفات منزلة التغاير في الذوات.

ومثاله في الممتاز عن سائر أفراد العام بصفات حسنة: قوله تعالى: {وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ} الآية، وقوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ}.

ومثاله في الممتاز بصفات قبيحة: الآية التي نحن بصددها، فإن الذين قالوا: {اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} امتازوا عن غيرهم بفرية شنعاء؛ ولذا ساغ عطفهم على اللفظ الشامل لهم ولغيرهم.

والآيات الدالة على شدة عظم فريتهم كثيرة جدًا؛ كقوله هنا: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} الآية، وكقوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢) وقوله: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (٤٠)} والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة.

وقد قدمنا أن القرآن بَيَّنَ أن الذين نسبوا الولد لله سبحانه