وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا ثلاثةُ أصناف من الناس: اليهود، والنصارى، قال تعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ ... } الآية. والصنف الثالث مشركو العرب؛ كما قال تعالى عنهم: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (٥٧)}، والآيات بنحوها كثيرة معلومة.
• وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ} يعني أن ما نسبوه له جل وعلا من اتخاذ الولد لا علم لهم به؛ لأنه مستحيل.
والآية تدل دلالة واضحة على أن نفي الفعل لا يدل على إمكانه؛ ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى: {وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٧)}؛ لأن ظلمهم لربنا، وحصول العلم لهم باتخاذه الولد = كل ذلك مستحيل عقلًا؛ فنفيه لا يدل على إمكانه. ومن هذا القبيل قول المنطقيين:"السالبة لا تقتضي وجود الموضوع"، كما بيناه في غير هذا الموضع.
وما نفاه عنهم وعن آبائهم من العلم باتخاذه الولد سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا؛ بينه في مواضع أخر، كقوله: {وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (١٠٠)}، وقوله في آبائهم: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٠٤)} إلى غير ذلك من الآيات.
• وقوله في هذه الآية الكريمة:{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} يعني أن ما قالوه بأفواههم مِن أنَّ الله اتخذ ولدًا أمر كبير عظيم؛ كما بينا الآيات الدالة على عِظَمِه آنفًا؛ كقوله: {إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ