يزول سريعًا كالقرض يُسترد. ومراد قائل هذا القول: أن الشمس تميل عنهم بالغداة، وتصيبهم بالعشي إصابة خفيفة، بقدر ما يطيب لهم هواء المكان ولا يتعفن.
قال أبو حيان في البحر: ولو كان من القرض الذي يعطى ثم يسترد لكان الفعل رباعيًا، فتكون التاء في قوله:{تَقْرِضُهُمْ} مضمومة، لكن دل فتح التاء من قوله:{تَقْرِضُهُمْ} على أنه من القرض بمعنى القطع، أي: تقطع لهم من ضوئها شيئًا، وقد علمت أن الصواب القول الأول. وقد قدمنا أن الفجوة: المتسع.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ} فيه ثلاث قراءات سبعيات:
قرأه ابن عامر الشامي "تَزْوَرّ" بإسكان الزاي، وإسقاط الألف وتشديد الراء؛ على وزن "تَحْمَرّ"، وهو على هذه القراءة من الازورار بمعنى الميل؛ كقول عنترة المتقدم:
• فازورَّ من وقع القنا ... * ... البيت
وقرأه الكوفيون -وهم عاصم وحمزة والكسائي- بالزاي المخففة بعدها ألف. وعلى هذه القراءة فأصله "تتزاور" فحذفت منه إحدى التاءين؛ على حد قوله في الخلاصة:
وما بتاءين ابتُدِي قد يُقتصر ... فيه على كَتبَيَّنُ العِبَر
وقرأه نافع المدني وابن كثير المكي وأبو عمرو البصري "تَزَّاوَرُ" بتشديد الزاي بعدها ألف، وأصله "تتزاور" أدغمت فيه التاء في الزاي. وعلى هاتين القراءتين -أعني قراءة حذف إحدى التاءين،