وقوله جل وعلا:{بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ} قرينة على بطلان ذلك القول؛ لأن بسط الذراعين معروف من صفات الكلب الحقيقي، ومنه حديث أنس المتفق عليه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب" وهذا المعنى مشهور في كلام العرب، فهو قرينة على أنه كلب حقيقي، وقراءة "وكالئهم" بالهمزة لا تنافي كونه كلبًا، لأن الكلب يحفظ أهله ويحرسهم. والكلاءة: الحفظ.
فإن قيل: ما وجه عمل اسم الفاعل الذي هو {بَاسِطٌ} في مفعوله الذي هو {ذِرَاعَيْهِ}، والمقرر في النحو أن اسم الفاعل إذا لم يكن صلة "أل" لا يعمل إلا إذا كان واقعًا في الحال أو المستقبل؟.
فالجواب: أن الآية هنا حكاية حال ماضية، ونظير ذلك من القرآن قوله تعالى:{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢)}.
واعلم أن ذكره جل وعلا في كتابه هذا الكلب، وكونه باسطًا ذراعيه بوصيد كهفهم في معرض التنويه بشأنهم - يدل على أن صحبة الأخيار عظيمة الفائدة.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة: وشملت كلبهم بركتهم، فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال، وهذا فائدة صحبة الأخيار، فإنه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن اهـ.
ويدل لهذا المعنى قوله - صلى الله عليه وسلم - لمن قال إني أحب الله ورسوله:"أنت مع من أحببت" متفق عليه من حديث أنس.