والعمل الصالح أمر الله به المؤمنين كما أمر المرسلين قال:{يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا .. } الآية، وقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}. ويكثر في القرآن إطلاق مادة الزكاة على الطهارة كقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤)} الآية، وقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩)}، وقوله:{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا}، وقوله: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (٨١)}، وقوله:{أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ ... } الآية، إلى غير ذلك من الآيات.
فالزكاة في هذه الآيات ونحوها: يراد الطهارة من أدناس الذنوب والمعاصي، فاللائق بحال هؤلاء الفتية الأخيار المتقين أن يكون مطلبهم في مأكلهم: الحِلِّيَّة والطهارة، لا الكثرة. وقد قال بعض العلماء: إن عهدهم بالمدينة فيها مؤمنون يخفون إيمانهم، وكافرون. وأنهم يريدون الشراء من طعام المؤمنين دون الكافرين. وأن ذلك هو مرادهم بالزكاة في قوله:{أَزْكَى طَعَامًا} وقيل: كان فيها أهل كتاب ومجوس. والعلم عند الله تعالى.
والوَرِق في قوله تعالى:{فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ}: الفضة. وأخذ علماء المالكية وغيرهم من هذه الآية الكريمة مسائل من مسائل الفقه:
المسألة الأولى: جواز الوكالة وصحتها؛ لأن قولهم:{فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ .. } الآية يدل على توكيلهم لهذا المبعوث لشراء الطعام. وقال بعض العلماء: لا تدل الآية على جواز التوكيل مطلقًا بل مع التقية والخوف؛ لأنهم لو خرجوا كلهم