على التوكيل بغير جعل: أنه - صلى الله عليه وسلم - وكَّل أنيسًا في إقامة الحد على المرأة، وعروة البارقي في شراء الشاة من غير جعل. وأمثال ذلك كثير في الأحاديث التي ذكرنا غيرها.
والدليل على التوكيل بجُعْل قوله تعالى:{وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} فإنه توكيل على جباية الزكاة وتفريقها بجُعْلٍ منها كما ترى.
الفرع الرابع: إذا عزل الموكل وكيله في غيبته وتصرف الوكيل بعد العزل وقبل العلم به، أو مات موكله وتصرف بعد موته وقبل العلم به، فهل يمضي تصرفه نظرًا لاعتقاده، أو لا يمضي نظرًا للواقع في نفس الأمر؛ في ذلك خلاف معروف بين أهل العلم مبني على قاعدة أصولية، وهي:
هل يستقل الحكم بمطلق وروده وإن لم يبلغ المكلف، أو لا يكون ذلك إلا بعد بلوغه للمكلف، ويبنى على الخلاف في هذه القاعدة الاختلاف في خمس وأربعين صلاة التي نسخت من الخمسين بعد فرضها ليلة الإسراء، هل يسمى ذلك نسخًا في حق الأمة لوروده، أو لا يسمى نسخًا في حقهم؛ لأنه وقع قبل بلوغ التكليف بالمنسوخ لهم. وإلى هذه المسألة أشار في مراقي السعود بقوله:
هل يستقل الحكم بالورود ... أو ببلوغه إلى الموجود
فالعزل بالموت أو العزل عرض ... كذا قضاء جاهل للمفترض
ومسائل الوكالة معروفة مفصلة في كتب فروع المذاهب الأربعة، ومقصودنا ذكر أدلة ثبوتها بالكتاب والسنة والإجماع،