للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعلم: أن شركة المفاوضة مشتقة من التفويض؛ لأنَّ كل واحد منهما يفوض أمر التصرف في مال الشركة إلى الآخر؛ ومن هذا قوله تعالى عن مؤمن آل فرعون: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ .. } الآية.

وقيل: أصلها من المساواة؛ لاستواء الشريكين فيها في التصرف والضمان. وعلى هذا فهي من الفوضى بمعنى التساوي. ومنه قوله الأفوه الأودي:

لا يصلح النَّاس فوضى لا سراة لهم ... ولا سراة إذا جهالهم سادوا

إذا تولى سراة النَّاس أمرهم ... نما على ذاك أمر القوم وازدادوا

فقوله: "لا يصلح النَّاس فوضى" أي: لا تصلح أمورهم في حال كونهم فوضى، أي متساوين لا أشراف لهم يأمرونهم وينهونهم. والقول الأوَّل هو الصواب. هذا هو أصلها في اللُّغة.

وأمَّا شركة العنان: فقد اختلف في أصل اشتقاقها اللغوي؛ فقيل: أصلها من عنّ الأمر يعن -بالكسر والضم- عنَّا وعنونًا إذا عرض؛ ومنه قوله امرئ القيس:

فعَنَّ لنا سِرْبٌ كأنَّ نِعاجَه ... عَذَارى دوارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّل

قال ابن منظور في اللسان: وشِرْكُ العنان وشِرْكَةُ العنان: شَرِكَة في شيء خاص دون سائر أموالهما؛ كأنه عنَّ لهما شيء فاشترياه واشتركا فيه. واستشهد لذلك بقوله النابغة الجعدي:

فشاركنا قريشًا في تُقاها ... وفي أحسابها شِرْك العنان