الصفا والمروة مثلا، كل ذلك منع منه المحصر وصد عنه، فسقط عنه لأنه حيل بينه وبينه ومنع منه.
وأما الحلاق فلم يحل بينه وبينه وهو قادر على أن يفعله، فلا وجه لسقوطه، ولا شك أن الذي تدل نصوص الشرع على رجحانه، أن الحلاق نسك على من أتم نسكه، وعلى من فاته الحج، وعلى المحصر بعدو، وعلى المحصر بمرض. وعلى القول الصحيح من أن الحلاق نسك، فالمحصر يتحلل بثلاثة أشياء: وهي النية، وذبح الهدي، والحلاق. وعلى القول بأن الحلق ليس بنسك يتحلل بالنية والذبح.
الفرع الرابع: قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نحر قبل أن يحلق في عمرة الحديبية، وفي حجة الوداع، ودل القرآن على أن النحر قبل الحلق في موضعين:
والثاني: قوله تعالى في سورة الحج: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} الآية.
فالمراد بقوله:{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ} الآية. ذكر اسمه تعالى عند نحر البدن إجماعا، وقد قال تعالى بعده عاطفا بثم التي هي للترتيب:{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} الآية. وقضاء التفث يدخل فيه بلا نزاع إزالة الشعر بالحلق، فهو نص صريح في الأمر بتقديم النحر على الحلق، ومن إطلاق التفث